الشاعرة والإعلامية “ماجدة داغر”: “مهما تعاظمت الأزمات، لن تلغي تاريخًا مشرقًا مشرّفًا اضطلع به هذا الوطن الصغير على مدى قرون.”
“إذا كان الكلام عن لبنان اليوم يقتصر على الأزمات الكبرى التي ألمّت به، والتي تهدد مصيره ووجوده وكيانه، فهذه الأزمات مهما تعاظمت، لن تلغي تاريخًا مشرقًا مشرّفًا اضطلع به هذا الوطن الصغير على مدى قرون.
تاريخٌ حضاري، ثقافي، تنويري، توّج لبنان مساحةَ جمالٍ وثقافةٍ وحرية، وطبع بيروت كمختبرٍ ثقافيٍّ وملاذٍ لمثقفي المنطقة وروّادِها، في الصحافة والأدب والفن والشعر والمسرح والموسيقى. هذا الدورُ الرائد للبنان الذي تخطى الجغرافيا الصغيرة بمغتربيه ومهاجريه ومبدعيه، يبقى السِّمةَ الأبرز ووشمًا على جبينه، بالرغم من انكفائه القسري الموقت.
وقد بات واجبٌ على كل لبناني، صَونُ هذا الإرث الحضاري وحَملُه في وجدانه وذاكرته أولًا، وإعادةُ إحيائه وتقديمه إلى العالم على المنابر والكتب والمنصات ثانياً، كواجب ٍ وطنيّ ملحّ، ليس فقط للتذكير بما يزخر به تاريخُنا، إنّما لاستعادة حضورنا الثقافي، وتكريسِ هذا الحضور على الخريطة العالمية، إنسانيًا، معرفيًا، تاريخيًا وحضاريًا.
لا شكّ أنّ أي مشروع اليوم، يُعدُّ بمثابةِ مغامرةٍ وتحدٍّ، إلا أن المبادرات الفردية التي صنعت النهضةَ اللبنانية على جميع مستوياتها، ما زالت تؤمن بدورها الفاعل في النهوض بلبنان.
واستكمالًا لهذا الدور، قرر “المجلسُ الثقافي اللبناني والاغترابي” بالاتفاق مع مجموعة “ليبابيديا الثقافية”، وتحت رعاية وإشراف وزارات الثقافة والسياحة والإعلام، وبالتنسيق مع الهيئات الاغترابية ومجالس الأعمال المحلية والاغترابية، قرر إطلاقَ معلمٍ سياحيٍّ وثقافيٍ جديد يتمثّل في إنجاز “أكبر كتاب في العالم”. انطلق هذا المشروع تزامنًا مع إعلان مدينة بيروت “عاصمة الإعلام العربي 2023″، وهذه مناسبة لتقديم التهنئة لوزارة الإعلام وجميع الإعلاميين بهذا الاختيار الذي تستحقه بيروت رائدةُ الصِحافة والإعلام.
“روّاد من بلاد الأرز” هو مهمةٌ وطنيةٌ ومنجزٌ يضاف إلى إنجازاتنا الوطنية، يتضمن محطاتٍ من تاريخ لبنان، منها: تاريخُ الهجرة اللبنانية، تاريخُ الصحافة اللبنانية، نبذةٌ تاريخيةٌ ثقافية، سياحية، أدبية وفكرية، ونبذةٌ عن الإبداعات اللبنانية محلياً واغترابياً. كما يهدف المشروع إلى تسجيل رقم قياسي في موسوعة غينيس، وتجسيدِ دورِ الكتاب الورقي والصحافة المكتوبة، وإنشاء معلم تراثي ثقافي سياحي. بالإضاف إلى تخليد ذكرى المهاجرين الأوائل، وغيرِها من الأهداف السامية التي تطمح إلى الإضاءة على مكانة لبنان تاريخياً، لنراه متربعًا من جديد على عرش القيادة الثقافية في المنطقة.
“رواد من بلاد الأرز” هو نقطة مضيئة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا، لعلّه يكون القبَس في توهّج شعلة لبنان التي تخبو ولكنها لا تنطفئ.
الكلمة ضمن الفيديو المرفق: